رشيد قوارف
عدد الرسائل : 11 العمر : 54 تاريخ التسجيل : 09/01/2009
| موضوع: الحلم الضائع الجمعة يناير 09, 2009 8:31 pm | |
| ركبت البحر مكبل اليدين ، شارد الذهن ، فاقد اليقين ، و الباخرة تبدو كأنها متوقفة وسط هذا البحر اللامتناهي ، الذي امتزج هذا الأخير مع زرقة السماء فأعطي كتلة واحدة. الحر كان شديدا و السماء صافية،و النجوم تعكس ضوءها ي البحر كأنه مرآة للسماء . التفت إلى الوراء ورأيت رجلا يحدق بي ، اسود العينين ، طويل القامة نظراته غامضة ، يبدو عليه التعب ، عيناه شغوفتان لرؤية الوطن الذي غاب عنه مدة من الزمن ، سألته من أنت ؟ . - أنا مهاجر جزائري لم أزر الوطن منذ عدة سنوات، و بدا يسألني عن أحوال الوطن................... فذكرني بتلك السنوات اليائسة التي مررت بها في وطني ، و بدأت أتذكر كيف سلبت نقود أبي ، و أيام البكالوريا ، و كيف ضيعت مستقبلي بيدي ، حتى نزفت عيناي دموعا و مزجت دمعتي بدموع الفشل .لم أكن أجرؤ أن اخبر الرجل بذلك لعزة نفسي و كبريائي حتى لا يحتقرني ، و رحت أتحدث معه عن السياسة و الوضع في الوطن ....... استوقفني ، و بدا يروي لي ماساته و الولوع بزيارة الوطن الذي افتقده كأم افتقد اعز الأشياء و الناس الذين أحبهم و اشتاق لرؤيتهم ........ أولاده أصدقائه و كل من أحب ثم تنهد.ابنتي سارة التي لم أرها منذ سنواث أنها جميلة و لطيفة . ابتسامتها كأنها حديقة مملوءة بالأزهار،ثم عاد ليقص لي عن هجرته و الأسباب التي أدت به للإقامة في فرنسا ،و الظروف الصعبة و القاتلة التي مر بها هناك،مما ذكرني بالأيام التي قضيتها في مرسيليا ، و كيف ضيعت نقودي ، وتسولي و طلب الصدقات من المارة لان العمل الذي كنت ابحث عنه مجرد وهم و خيال ، حتى ألقت مصالح الأمن القبض عليا بحجة الإقامة غير الشرعية في بلد أجنبي ،و أنا شارد الذهن أيقظني صفير الباخرة ليعلن عن الوصول . رست الباخرة في الميناء ،فكان الميناء مكتظا بالناس ينتظرون أهاليهم ،إلا أنا وجدت نفسي وحيدا ، لم أجد من ينتظرني ،حملت معه حقائبه،ونحن نسير بخطي مسارعة فالتقينا بأهله كلهم ،لكن : كنت انظر بشغف لارئ بنت الرجل الصغيرة التي كان يحدثني عنها كثيرا و يفتخر بها . ولما رايتها كانت أجمل بكثير من الصور التي تصورتها ،لاحظت ابتسامتها البريئة وبريق عينها أعطاني من الأمل ،جعلني أقرر حياتي بيدي. ودعتهم متجها نحو الحافلة لتقلني إلى المدينة و كلي شوق لرؤية أهلي و مواجهتي الأمر الواقع،وأنا أسير باتجاه الحافلة ،سمعت صوتا يناديني،فالتفت قلقا،ثم ابتسمت... قوارف رشيد عين التوتة- (باتنة) الجزائر . | |
|