سأل أحد الآباء المشتركين في لقاءاتي التربوية يشكو اشتباكات الأطفال المستمرة ومشاكساتهم الدائمة وانطلق يؤكد غاضبا: " تلك هي نتيجة التربية الحديثة التي ستجلب لجميعنا المشاكل والمتاعب. في المستقبل القريب سوف لا نستطيع لجم هذا الجيل المنفلت الذي ينذرنا بكارثة. ألا يكفينا قلة قيمة لتأتي الشرطة أيضا لتحرضهم على تقديم شكوى ضدنا. انفلات قوانين وانحلال قيم وعلى الآباء التدليل وإلا وجدوا أنفسهم وراء القضبان.
الجواب: أساليب التربية الماضية لا تتناسب مع أطفال العصر الحاضر. أسلوب التربية التقليدي المتسلط والضابط بالقوة والتهديد يسبب للطفل الشعور بالتخويف. يصبح التخويف هو الدافع للتعاون والطاعة العمياء. فنجده يفعل ما يفعله بالخفاء والسرية لأنه يخاف من أبويه. مهمة الآباء ليس تخويف رقيبه الداخلي وترهيبه وإنما تدريبه، ترغيبه وتنشيطه. التعرف على أساليب تربوية إيجابية والبحث عن طرق بديلة مساعدة تلك حاجة الآباء الأساسية وليست دلالا.
طفل العصر الحاضر يعيش جوا من الانفتاح الفكري. وسائل الإعلام ترغبه وتفتح أمامه آفاقا جديدة وتدربه على أهمية تحقيق ذاته الكامنة في داخله والمستعدة للتوظيف. إمكانية اكتساب أية معلومات مسألة متوفرة لديه ويستطيع استخدامها بمهارة تفوق أحيانا مهارة جمهور المعلمين والآباء. فالطفل في مراحل تنشئته أكثر ما يحتاجه هو مربِّ لبق وعارف بآخر الأبحاث والدراسات التربوية. هو على استعداد للاستشارة والتوجيه عند الحاجة. فالمربي العصري هو الذي يعترف بالتغيير ويقرر التجديد والمزيد من المعرفة.
يستحسن تطوير أسلوبه التربوي المتقبل لطفل العصر الحديث بدل أن يشكو ويندب العصر والدلال. تطويره يساعده في تنشئة شخصية سوية حضارية تتناسب مع الألفية الثالثة.
سؤال: هل أسلوب التربية الإيجابي يسمح بانفلات القوانين التربوية؟
الجواب: لا تنازل عن دستور يسنّه الأبوان في نطاق الحياة الأسرية اليومية. فالنظام لا موضة له ولا لون. من المهم ندريب الطفل على التعامل مع القوانين والأنظمة باحترام ولباقة. هذا لا يعني أن يستعين الأب بالعنف، الصراخ، الترهيب...ألخ كوسيلة مبررة لكسر ارادة الطفل بمسألة التنفيذ. لكل جيل أسلوبه ولغته. فالطفل في السنوات الأولى من عمره من السهل جدا تغيير اتجاه سلوكه بتغيير الظرف الآني عن طريق الدراما التربوية مثل: قصة، نزهة، موهبة أبوية أخرى ...ألخ. تعمل على تحويل هدفه من اتجاه إلى اتجاه آخر نقيضه. بينما بعمر أكبر يجب أن تتوفر بدائل تربوية لتنفيس حاجاته الجسمانية، العاطفية، الذهنية.
من مسؤولية التربية الحديثة توعية الطفل على حقوقه وواجباته والثبات في مسألة التنظيم. مسؤولية المؤسسات الحكومية والمحلية توفير البرامج التربوية الخاصة بكل جيل. فالتربية الحديثة لا تنادي بالانفلات. فقدان أساليب تربوية مناسبة هي التي تدفع بالآباء لفقدان التوازن التربوي والتخبط في اختيار الأساليب المناسبة. حرية رأي الطفل وتعبيره العاطفي الصادق لا يتنافى مع أسس الآداب والأخلاق. طلب الأبوين المعرفة بأنواع أساليب تعامل لتنشئة طفل سوي النفس والعقل مسؤولية وضرورة.